التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الرفق بالاسير

هذا هو ديننا فلا تشوهوه مبادئ الإسلام تدعو إلى الرّفق بالأسرى ، وتوفير الطّعام والشّراب والكساء لهم ، واحترام آدميّتهم ، لقوله تعالى { ويطعمون الطّعام على حبّه مسكينا ويتيماً وأسيراً } ، وروي أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه في أسرى بني قريظة بعدما احترق النّهار في يومٍ صائفٍ : « أحسنوا إسارهم ، وقيّلوهم ، واسقوهم » وقال : « لا تجمعوا عليهم حرّ هذا اليوم وحرّ السّلاح ... » قال الكاساني :(وإذا عزم المسلمون على قتل الأسارى، فلا ينبغي أن يعذبوهم بالجوع والعطش وغير ذلك من أنواع التعذيب؛ لأن ذلك تعذيب من غير فائدة وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في بني قريظة "لا تجمعوا عليهم حر هذا اليوم، وحر السلاح، ولا تمثلوا بهم") بدائع الصنائع (15/ 366). وروي لَمَّا أَسر صلاحُ الدين الأيوبي عددًا من جنود الجيش الصليبي، وكان لا يوجد عنده ما يكفيهم من الطعام - أطلق سراحَهم لئلا يموتوا جوعًا، ورأى أن يقتلَهم محاربين أفضلَ من أن يقتلَهم في الأَسر جائعين.. فالكافر المحارب يشرع في حقه الشدة والغلظة ما دام في ساحة القتال ينال منا وننال منه .. والأسير بخلاف ذلك لا يعامل إلا معاملة كريمة .. وقال البيهقي : ( فإذا قتل مشركا بعد الإسار أمر بضرب عنقه، ولا يمثل به، ولا يحرقه بالنار) السنن الصغرى (3/ 385). وقال ابن حبيب المالكي :(ولا بأس أن تقتل المشرك قبل ظفرك به بأي قتلة أمكنك. فأما بعد الظفر فلا ينبغي أن تمثل به, ولا تعبث عليه ولكن تضرب عنقه.) النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات (3/ 72). هذه الأحكام بالنسبة للأسير الكافر... وأما قتال المسلمين فيما بينهم فأسراهم يسمون أسرى البغاة ولهم أحكام خاصة؛ فأسرى البغاة تعاملهم الشريعة معاملة خاصة لأن قتالهم لمجرد دفعهم عن المحاربة وردهم إلى الحق لا لكفرهم.. عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِعَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ:" يَا ابْنَ مَسْعُودٍ أَتَدْرِي مَا حُكْمُ اللهِ فِيمَنْ بَغَى مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ؟ " قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:" فَإِنَّ حُكْمَ اللهِ فِيهِمْ أَنْ لَا يُتْبَعُ مُدْبِرُهُمْ، وَلَا يُقْتَلُ أَسِيرُهُمْ، وَلَا يُذَفَّفُ عَلَى جَرِيحِهِمْ " وعن أبي جعفر قَالَ: كان علي رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِذَا أتى الأسير يوم صفين أخذ دابته وسلاحه وأخذ عليه أن لا يعود وخلى سبيله.... القول:من خلال النظر لمعاملة المسلمين لأسراهم مقارنة مع معاملة غير المسلمين لأسراهم نرى أن المسلمين في أحلك الظروف وأشدها تظهر أثار رحمتهم على الناس واتصافهم بالعدل والحق والإحسان يقول الفرنسي المستشرق جوستاف لوبون : "والحق أنَّ الأمم لم تعرف فاتحين رحماءَ متسامحين مثلَ العرب، وإذا حدث أنِ انتحل بعضُ الشعوبِ النصرانية الإسلامَ، واتخذوا العربيةَ لغةً لهم، فذلك لِما كان يتصف به العربُ من ضروب العدل الذي لم يكن للناس عهدٌ بمثله"... هذا هو ديننا فلا تشوهوه...والله أعلى وأعلم..