هل الحاكم المسلم يكفر إذا حكم بغير شرع الله؟
السلف الصالح قرروا قاعدة اتفق عليها الأئمة وهي ما ذكرها الطحاوي رحمه الله في عقيدته: (لا نكفر أحدًا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله)[الاستحلال اعتقاد الشيء حلالا]
وقد أوضح البخاري رحمه الله هذا في اعتقاده فقال (ولم يكونوا يكفرون أحداً من أهل القبلة بالذنب لقوله «إن الله لايغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء») أهـ (شرح اعتقاد أهل السنة) لأبي القاسم اللالكائي، 1/ 175، ط دار طيبة.
وهذا ما عليه أهل السنة والجماعة؛
وقد ذهب جمهورهم إلى تكفير من استحل ما ثبت بالإجماع ...
وأما الحنفية فقد اتخذوا مسلكًا آخر وإن كان في جوهره لا يخرج عن قول الجمهور؛ فهم يرون أن الذي يكفر هو المستحل لحكم ثبت بدليل قطعي وكان حرامًا لعينه(أي لذاته وهو ما كان محرما في أصله كالزنى والسرقة..) وأما من استحل الحرام الذي ثبت بدليل ظني أو كان حراما لغيره [وهو المشروع بأصله حرام بوصفه كالصلاة في ثوب مغصوب] فلا يكفر؛ كما جاء في البحر الرائق..
فعلى هذا لا يفتى بتكفير مستحله(أي الذنب)لما في الخلاصة أن المسألة إذا كان فيها وجوه توجب التكفير ووجه واحد يمنع فعلى المفتي أن يميل إلى ذلك الوجه) (ابن نجيم. زين بن إبراهيم بن محمد بن محمد، البحر الرائق شرح كنز الدقائق، (القاهرة: المطبعة العلمية، ط1، 1310هـ)، ج1، ص207).
القول:بناء على ما سبق فالحكم بغير ما أنزل الله جحودا بشرع الله كزعم الحاكم صراحة أن أحكام الإسلام غير صالحة للحياة ، أو ازدراء واحتقارا له، أو مستحلا له استحلال اعتقاد لا شبهة فيه، فذلك من موجبات الردة ولو كرر الشهادة وصام وصلى...إلا أن يتوب..وهذا ما حمل عليه علماؤنا قول الله تعالى:(ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) أي من أعرض عن حكم الله تعالى انكارا وجحودا أو استحلالا قلبيا...
وأما إن لم يصاحب حكمه هذا دليل قاطع على الجحود والازدراء والاحتقار بأن يحتمل أن يكون الصارف له عن الحكم بما أنزل الله مجرد الاستهتار أو الاستجابة لرعونات النفس وأهوائها أو فرارا من التقيد بقيود الشريعة الإسلامية فلا يجوز تكفيره كما لا يجوز تطبيق شيء من أحكام الردة عليه مهما كانت أدلة هذا الاحتمال ضعيفة لأن المدار في الكفر والإسلام على الاعتقاد...
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) قال : من جحد ما أنزل الله فقد كفر،ومن أقر به ولم يحكم فهو ظالم فاسق . رواه ابن جرير .
أقول(عبدالناصر):حكام المسلمين اليوم رغم فسقهم وفسادهم وضلالهم(أراحنا الله منهم وأبدلنا خيرا منهم) لا يحكم بكفر أحد منهم وردته لمجرد حكمه بغير شرع الله إلا إذا قامت الدلائل القاطعة على جحوده وانكاره لشرع الله أو استحلال الحكم بغير شرع الله استحلال اعتقاد أو صدر منه كفر وقع الإجماع على التكفير به...وهذا النهج الذي ينبغي أن يتصف به المسلم الوسطي ولو مع حكام ظلمة فسقة فسدة...
فتكفير الحاكم شيء ،ورفض فساده وظلمه وفسقه ومحاربة ذلك شيء آخر ..والله أعلى وأعلم
للدفاع عن التصوف والصوفية بالسودان