حكم إعفاء اللحية وحلقها
للعلماء قولان في المسألة:
1-الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة وقول عند الشافعية على وجوب إعفاء اللحية وحرمة حلقها..دليلهم في ذلك حديث (جزوا الشوارب وأرخوا اللحى) رواه أحمد ومسلم..وحديث(خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب) متفق عليه..وقالوا:والأمر بمخالفة المشركين للوجوب..
2-المعتمد عند الشافعية كراهية حلق اللحية لا حرمته..ذكر ذلك شيخا المذهب الشافعي: الإمام النووي والإمام الرافعي، وأقرهم عليه المتأخرون كابن حجر الهيتمي والرملي وهما عمدة من جاء بعدهم في الفتوى على المذهب
وصرح بذلك في كتاب الشهادات البجيرمي في حاشيته على شرح الخطيب لمتن أبي شجاع في الفقه الشافعي..وقال القاضي عياض رحمه الله تعالى كما في شرح مسلم (1/154( :"يكره حلقها وقصها وتحريقها أما الأخذ من طولها وعرضها فحسن".
وهو المعتمد عند الغزالي وشيخ الإسلام القاضي زكريا الأنصاري والخطيب الشربيني وغيرهم..دليلهم ما رواه مسلم في صحيحه عن عائشة عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "عشْرٌ مِن الفطرة: قصُّ الشارب، وإعفاء اللحْية، والسواك، واستنشاق الماء، وقصُّ الأظفار، وغسْل البراجِم (البراجم: مَفاصل الأصابع من ظهر الكف ". ونَتْفُ الإبِط، وحلْق العانَة، وانتقاص الماء (أي الاستنجاء). قال مصعب: ونسيتُ العاشرة إلا أن تكون المَضمضة.
حيث أفاد الحديث أن إعفاء اللحية من السُنَن والمَندوبات المَرغوب فيها إذ كل ما نصَّ عليه من السُنَن العادية.
وقد عقَّب القائلون بوُجوب إعفاء اللحية ـ على القائلين بأنه مِن سُنَنِ الإسلام ومَندوباته ـ بأن إعفاء اللحية جاء فيه نصٌّ خاصٌّ أخرجها عن الندْب إلى الوُجوب، وهو الحديث المذكور سابقًا "خالِفوا المُشركين..".
وردَّ من قال بالكراهة أن الأمر في مخالفة المشركين في اللحية للندب لأنها من العادات والهيئات كما ورد في مخالفة أهل الكتاب بصبغ الشعر بحديث (إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم) متفق عليه ..مع إجماع السلف على عدم وجوب صبغ الشعر، فقد صبغ بعض الصحابة، ولم يصبغ البعض الآخر حيث فهموا أن الأمر هنا للإرشاد وليس للوجوب كما قال ابن حجر في فتح الباري...وأما وجوب مخالفة المشركين فهو في هديهم وما يتعلق بدينهم وعبادتهم وهذا لا خلاف فيه..
القول:الأصل في المسألة إعفاء اللحية فهو من هدي نبي صلى الله عليه وسلم، ولكن من حلقها لا أعيب عليه واتهمه بالفسق والضلال والبدعة ما دام في المسألة قول معتبر..والقاعدة الأصولية تقول (ما اختلف فيه لا إنكار فيه) وكذلك (ما يتطرق إليه الاحتمال يسقط به الاستدلال)..
والغريب أن بعض المتحمسين الذين لا يدركون دقائق العلم ولا يلمون بقول العلماء من السلف والخلف يسارعون برمي المخالف بالتبديع والتفسيق والتضليل والتكفير ..واعجبا
القول:وإن وجدت حاجة لحلق اللحية كما في الخدمة العسكرية أو في عمل لا يسمح بإعفاء اللحية أو لدعوة في بلاد الغرب...فلا بأس بحلقها..
وقد روى ابن كثير في تاريخه في فتح بيت المقدس أن صلاح الدين أمر جنوده أن يحلقوا لحاهم ويغيروا من ثيابهم وهيئتهم لخداع العدو ولمصلحة المسلمين ولم ينكر عليه أحد مع العلم بأن صلاح الدين كان عالماً محدثاً وكان في عصره مئات العلماء والأئمة ولم يؤثر عن أحدهم إنكار ذلك، بل ابن كثير يسوق هذا الخبر سياق المشيد بحكمة صلاح الدين وحسن تصرفه...والله أعلى أعلم
للدفاع عن التصوف والصوفية بالسودان