قال ابن القيم في كتاب الروح ما نصه: وقد ذكر عن جماعة من السلف أنهم أوصوا أن يقرأ عند قبورهم وقت الدفن قال عبدالحق: يروى أن عبدالله ابن عمر أمر أن يقرأ عند قبره سورة البقرة وكان الإمام أحمد ينكر ذلك أولا حيث لم يبلغه فيه أثر ثم رجع وقال الخلال في كتاب الجامع : القراءة عند القبور عن عبدالرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه قال: قال أبي إذا أنا مت فضعني في اللحد وقل: بسم الله وعلى سنة رسول الله وسن علي التراب سنا واقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة وخاتمتها فإني سمعت عبدالله بن عمر يقول ذلك قال عباس الدوري : سألت أحمد بن حنبل قلت تحفظ في القراءة عند القبر شيئا فقال : لا وسألت يحيى بن معين فحدثني بهذا الحديث قال الخلال: وأخبرني الحسن بن أحمد الوارق حدثني علي بن موسى الحداد وكان صدوقا قال: كنت مع أحمد بن حنبل ومحمد بن قدامة الجوهري في جنازة فلما دفن الميت جلس رجل ضرير يقرأ عند القبر فقال له أحمد: يا هذا إن القراءة عند القبر بدعة فلما خرجا من المقابر قال محمد بن قدامة لأحمد بن حنبل: يا أبا عبدالله ما تقول في مبشر الحلبي؟ قال: ثقة قال: كتبت عنه شيئا؟ قال نعم قال: فأخبرني مبشر عن عبدالرحمن بن اللجلاج عن أبيه أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة وخاتمتها وقال سمعت ابن عمر يوصي بذلك فقال له أحمد: فارجع وقل للرجل يقرأ (وورد مرفوعا في بداية الباب).
وذكر الخلال عن الشعبي قال: كانت الأنصار إذا مات لهم الميت اختلفوا إلى قبره يقرؤون عنده القرآن.
وعزا وصول ثواب العبادات البدنية للميت كالصلاة والصوم وقراءة القرآن والذكر للإمام أحمد وجمهور السلف وعدم الوصول إلى أهل البدع من علماء الكلام.
وقال وصول ثواب العبادات البدنية للميت كالصلاة والصوم وقراءة القرآن والذكر للإمام أحمد وجمهور السلف وعدم الوصول إلى أهل البدع من علماء الكلام.
وقال أيضا في جواب عن قوله تعالى : ﴿وأن ليس للإنسان إلا ما سعى﴾([47]).
ما لفظه: وقالت طائفة أخرى : القرآن لم ينف انتفاع الرجل بسعي غيره وإنما نفى ملكه لغير سعيه وبين الأمرين من الفرق مالا يخفى([48]) ، وأخبر تعالى أنه لا يملك إلا سعيه وأما سعي غيره فملك لساعيه فإن شاء أن يبذله لغيره وإن شاء أبقاه لنفسه وهو سبحانه لم يقل لا ينتفع إلا بما سعى وكان ابن تيمية يختار هذه الطريقة ويرجحها.
وقال في الجواب على شبه المانعين ما نصه: فصل وأما استدلالكم بقوله صلى الله عليه وآله وسلم (إذا مات العبد انقطع عمله)([49]).
فالاستدلال ساقط لأنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يقل انقطع انتفاعه وإنما أخبر عن انقطاع عمله وأما عمل غيره فهو لعامله فإن وهبه له فقد وصل إليه ثواب عمل العامل لا ثواب عمله هو فالمنقطع شيء والواصل إليه شيء آخر .
وقال أيضا: وأما قراءة القرآن وإهداؤها له تطوعا بغير أجرة فهذا يصل إليه كما يصل ثواب الصوم والحج فإن قيل فهذا لم يكن معروفا في السلف ولا يمكن نقله عن واحد منهم مع شدة حرصهم على الخير ولا ارشدهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم إليه وقد أرشدهم إلى الدعاء والاستغفار والصدقة والحج والصيام فلو كان ثواب القراءة يصل لأرشدهم إليه ولكانوا يفعلونه:
فالجواب أن مورد هذا السؤال إن كان معترفا بوصول ثواب الحج والصيام والدعاء والاستغفار قيل له: ما هذه الخاصية التي منعت وصول ثواب القرآن واقتضت وصول ثواب هذه الأعمال؟ وهل هذا الا تفريق بين المتماثلات؟ وإن لم يعترف بوصول تلك الأشياء إلى الميت فهو محجوج بالكتاب والسنة والإجماع وقواعد الشرع (وقد مرت معنا الأدلة واضحة جلية).
ثم إنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يبتدئهم بذلك بل خرج ذلك منه مخرج الجواب لهم فهذا سأله عن الحج عن ميته فأذن له وهذا سأله عن الصيام عنه فأذن له وهذا سأله عن الصدقة فأذن له ولم يمنعهم مما سوى ذلك وأي فرق بين وصول ثواب الصوم الذي هو مجرد نية وإمساك وبين وصول ثواب القراءة والذكر؟ وقال ما نصه: وهذا عمل الناس حتى المنكرين في سائر الأعصار والأمصار من غير نكير من العلماء أهـ.
وقال الشيخ الإمام أبو محمد بن قدامة المقدسي في آخر كتاب الجنائز من (مغنيه) ما نصه: لا بأس بالقراءة عند القبر وقد روى عن أحمد أنه قال: (إذا دخلتم المقابر فاقرؤوا آية الكرسي وثلاث مرات قل هو الله أحد ثم قل : اللهم إن فضله لأهل المقابر).
وقال الخلال : حدثني أبو علي الحسن بن الهيثم البزار شيخنا الثقة المأمون قال: رأيت أحمد بن حنبل يصلي خلف ضرير يقرأ على القبور وقد ورد في الأثر أنه من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفف عنهم يؤمئذ وكان له بعدد من فيها حسنات وورد أيضا أنه «من زار والديه فقرأ عنده أو عندهما يس غفر له» ثم قال: فصل: وأي قربة فعلها وجعل ثوابها للميت المسلم نفعه ذلك إن شاء الله تعالى
للدفاع عن التصوف والصوفية بالسودان