التخطي إلى المحتوى الرئيسي

دخول الطريقة التجانية إلى كردفان


حضر إلى السودان الشيخ سعيد بن محمد الأمين المغربي الفاسي المشهور بمولود فال حاملا الطريقة التجانية إلى السودان وكان أول من تلقاها بالقبول والإيجاب الخليفة محمد ابن إدريس المشهور بمحمد ود دوليب بقرية خرسي بسنده المتصل من الشيخ سعيد ابن محمد الأمين عن شيخه الشيخ محمد الغالي عن الشيخ أحمد التجاني وهذه صيغة إجازة سنده .
بسم الله الرحمن الرحيم – الحمد لله الذي جعل الأولياء باب الفوز والنجاة وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيد الإرسال الهداة وعلى آله وصحبه وجميع من تبعه على الإحسان والتقاة أما بعد:
فليعلم الواقف على هذه الورقة – أني قد أجزت أخي وحبيبى في الله السيد العالم الأجل الأديب الحي التقي الوقور المحسن المتفضل الأنبل اللبيب حاوي الكرم والجود ومعدن الأمانة وتوفية العهود – الشيخ الإمام محمد الخليفة في استعمال الطريقة التجانية المثلى وفي تلقينها لكل من التزمها منه وبعد التزام الشروط .. وقد أخذتها ايضا من الشيخ العالم العلامة محمد التونسي في المسجد الحرام وهو أخذها عن الشيخ العالم العلامة إبراهيم الرياحي وهو أخذها عن الشيخ التجاني رضي الله عنه وعن الجميع .
الفقير إلى الله الغني عن كل ماسواه
سعيد بن محمد الأمين المغربي الفاسي (14)
أما الشيخ محمد بن المختار الشنقيطي المشهور بابن العالية فعند دخوله السودان زار خرسي آنذاك في طريقه إلى الحج والتقى بالخليفة محمد ودوليب ومكث معه ستة أشهر تبادلا فيها الرأي والعلم لرفع شأن الطريقة وعميم فائدتها وانتشارها بين جميع الناس وبعد ذلك ودع الخليفة متجها صوب شمال السودان واتخذ من قرية أم حراحر – مركز شندي مقرا له وعمل على نشر الطريقة والعلم والمعرفة في ذلك الجزء من السودان (15)
مركز خرسي الصوفي في شمال كردفان :
تقع خرسي في الجنوب الشرقي لمدينة بارا علي بعد ثمانية أميال – 15 كلم – وهي مقر آل دوليب ومؤسسها هو محمد ود الأحمر ومن بعده ابنه إدريس ومن بعده ابنه الخليفة محمد ود دوليب (16).
وتعد خرسي أول مركز للطريقة التجانية في السودان وقد تأسس في القرن التاسع عشر الميلادي وقام سلاطين الفور بإهداء منطقة خرسي للدواليب باعتبارها مركزاً تجارياً وتمتعت بالإعفاء من الضرائب وذلك للاستقلال السياسي لأسرة الدواليب عن ( المقدوم مسلم ) نائب سلطان الفور على كردفان ، ويمثل الشيخ محمد ود دوليب أول جيل تمثلت فيه السلطات السياسية والدينية والتجارية والتعليمية مجتمعة في غرب السودان وبعد مجيء الأتراك إلى السودان انخرط أفراد أسرة الدواليب في صفوف الحكم الجديد كما نجحت أسرة الدواليب في تدعيم مركزها وقوتها المادية والدينية في منطقة شمال كردفان مما مكنها من نشر الطريقة التجانية وسط معظم قبائل شمال كردفان الكبابيش والمجانين ودار حامد (17). وقد حصل أيضا الخليفة محمد ود دوليب على إجازة علمية من شيخه محمد البرقاوي الأزهري في العلوم العقلية والنقلية من تفسير وحديث وفقه وأصول وبيان.
وساعد ذلك على انتشار الطريقة التجانية علي يده بكردفان ودارفور والنيل الأزرق وخلف من بعده تلاميذه من العلماء في الشريعة الإسلامية والذين سلكوا طريق الدعوة إلى الله بالقدوة الحسنة والأعمال الصالحة على هدي من الله ، كما شاعت منظومته التى تذكر بأحاديث الفتن وخلفه من بعده ابنه الشيخ الدرديري ( ت : 1257 هـ ) ثم تولى الخلافة حفيده الشيخ جعفر الدرديري ( ت : 1288هـ ) ومن بعده أخوه وصنوه الشيخ الدسوقي الدرديري ( ت : 1401هـ ) وانتقلت الخلافة إلى الشيخ الدرديري الدسوقي ثم إلى ابنه جعفر.
وعند مازار السيد ابن عمر حفيد الشيخ أحمد التجاني السودان عام 1951م زار منطقة خرسي ومكث بها عدة أيام وكتب بخط يده مانصه ( لمعلومية جميع المقدمين والمريدين بالقطر السوداني أن الشيخ جعفر الدرديري محمد الخليفة ولد دوليب في المكانة الخاصة لدينا لما له ولأسلافه من الأخذ بين المسلمين وإرشادهم إلى الطريق إلى الله عز وجل فاعرفوا له مكانته فمن أحبه فقد أحبنا ومن أطاعه فقد أطاعنا فهو منا وإلينا (18). ويمكن النظر لدور مركز خرسي الصوفي في محور يبين على هذا النحو:
أولا : في المجال التعليمي :
الحرفة الرئيسية لسكان خرسي هي الزراعة وتربية الإبل وقد نهض مركز خرسي بالمهام التعليمية لسكان المنطقة وقديما أقام الخليفة محمد وددوليب في العهد التركي معهده الذي كان يهتم بتحفيظ القرآن وتدريس الفقه واللغة والحديث وكانت صلته مباشرة بالأزهر الشريف وكانت الفتوى متبادلة بينه وبين الأزهر في كثير من الأمور الفقهية في أيام الشيخ عليش وقد تخرج فيه عدد من علماء البلاد (19)
وبدأت مظاهر تحديث خرسي في عهد الخليفة الدسوقي ببناء مسجد خرسي ومنزل الخليفة وأدخلت الكهرباء وقد واصل الخليفة الدرديري ما قام به والده فجدد محمد ود دوليب بخرسي وبني المركز الصحي بها ليقدم الخدمات الصحية اللازمة لجميع المواطنين في خرسي وماحولها من القرى وقد دفع الشيخ جعفر تلك الجهود فنظم المحاضرات لرفع الوعي التعليمي ونشط في تدريس الفقه (20) إلى جانب الاهتمام بالمدرسة الأساسية التي توجد في القرية مما يوضح مساهمة هذا المركز الصوفي في العملية التعليمية باتجاه التغيير الاجتماعي في قرى كردفان (21)
ثانيا : في مجال نشر الطريقة التجانية :
قام مركز خرسي الصوفي بدور مهم في نشر الطريقة التجانية في كردفان على هذا النحو:
- انتشرت الطريقة التجانية في مناطق سودري ومن أهم العلماء الذين نشروها الشيخ محمود موسى ومعه عدد من المقدمين من أنحاء المنطقة (22).
- كما وصلت الطريقة التجانية إلى منطقة السميح منذ بداية عام 1950 م على يد الشيخ عبدالرحمن محمد فضل الله وخليفته إدريس أحمد وقد تأثرت هذه المنطقة بالمد الصوفي التجاني وهنالك مناطق مجاورة لمركز السميح تدين بالولاء للطريقة التجانية – الله كريم والعمارة الشيخ حامد هشابة – وتنتشر هذه الطريقة في داخل السميح ولها عدة زوايا بالحي الشرقي – مسجد حي فلاتة وزاوية حاج النور – ولها عدد من المريدين بالحي الأوسط والغربي وقد نهض أفراد الطريقة في التعاون في بناء المسجد الكبير في السميح (23) .
- أما في مناطق دار حامد في قرية طيبة الزعيتير فقد انتشرت الطريقة التجانية بواسطة الشيخ أحمد إبراهيم زعيتير والذي كان طالبا للعلم في خرسي (24).
- كما انتشرت الطريقة التجانية وسط قبائل الجوامعة في منطقة الرهد وذلك عندما دخل الشيخ أحمد البدوي على يد الشيخ الدرديري بن محمد دوليب في الطريقة التجانيةعام 1920م مما أدى لاتساع وانتشار الطريقة التجانية في هذه المنطقة من شمال كردفان(25)
- ساهم مركز خرسي في نشر الطريقة التجانية في منطقة المزروب حاضرة دار المجانين وهنالك علاقات اجتماعية متبادلة بين شيوخ خرسي وآل جمعة سهل ساهمت بدورها في انتماء معظم أفراد هذه القبيلة للطريقة التجانية (26).
- كما ساهم مركز خرسي في نشر الطريقة التجانية في شرق كردفان في منطقة ام روابة بواسطة الشيخ الدرديري محمد حمد السيد وأسلافه وهم من أسرة آل دوليب شيوخ خرسي وقد نتج عن ذلك تأسيس خلوة التجانية في داخل مدينة أم روابة منذ عام 1915م (27).
- ساهم شيوخ الطريقة التجانية في الهداية الربانية في مناطق شمال غرب كالوقي في جنوب كردفان ونتج عن ذلك وجود مؤسسة تعليمية محلية ( تقابة ) الفكي الحسين باريو التجاني كما هاجر عدد من علماء المنطقة إلى خرسى لدراسة العلوم الدينية والانتماء إلى الطريقة التجانية ثم عادوا إلى مناطق شرق كالوقي في قرى قدير والروصيرص وأم الشيخ والجرادة والسانية ونشروا فيها تعاليم التصوف مما ساهم في التواصل الاجتماعي مع سكان المنطقة مع قبائل النوبا ونتج عن ذلك دور الطريقة في السلام الاجتماعي في تلك الفترة من تاريخ جنوب كردفان (28)
- كما امتد مركز خرسي وترك أثره في انتشار الطريقة التجانية في غرب كردفان بواسطة الشيخ الشريف حسين والذي ترك أثره الواضح في مناطق أبوزبد وله زاوية يتولى أحد أحفاده قيادتها وفي مناطق الأضية والتي تأسست زاويتها في عام 1947م بجانب زوايا أخرى تأسست علي يد الشيخ محمود حسن والذي خلفه ابنه محمد زين. وقد ترك الشريف حسين أثره الواضح على قبائل الحمر والشويحات والبديرية والهوسا والفولاني والمسيرية في مناطق لقاوة مما ساعد على التكامل والتواصل الاجتماعي وبصفة خاصة في مدينة ( أبوزبد ) (29) حتى أن سكانها خلدوا السلام الاجتماعي وسهولة العيش في هذه الفترة بقولهم في أمثالهم المحلية " ابوزبد المرين خريف بقاره وصيف أم سعين كان ترضي كان تابي تأكل روابة " ونتج عن ذلك انتشار الحركة التجارية في هذه المنطقة ( 30 )
مركز أم سعدون الشريف الصوفي التجاني :
نشأت قرية أم سعدون الشريف على يد الشيخ الشريف عبدالمنعم بعد أن أخذ أذنا من الناظر محمد تمساح ناظر عموم دار حامد وذلك في عام 1917م(31) ويتكون التركيب السكاني للقرية من قبيلة الهابين ويطلق عليها محليا " دار حامد " وهي قبيلة عربية هاجرت من شمال البلاد واستقرت وسط كردفان في منطقة بارا وباديتها وهم عرب رحل ومستقرون ويرعون الإبل والأغنام ومنها تتفرغ قبائل الجليدان والعريفية وبني جرار والمجانين والغبشان (32).
وتوفي الشريف عبدالمنعم أحمد عام 1935م ودفن بأم سعدون وخلفه ابنه الشريف إبراهيم والذي خلفه ابنه الشريف عبدالحليم وقد أسس الشريف عبدالمنعم خلوة في أم سعدون(33) وواصل أحفاده تأسيس المؤسسات الاجتماعية في المنطقة وهي المدرسة والمركز الصحي ومركز تنمية المرأة الريفية ومركز محو الأمية وبناء المساجد والخلوات في كثير من القرى المجاورة (34).
يضاف إلى ذلك امتياز مركز أم سعدون الشريف بعلو سند مؤسسه الشيخ الشريف عبدالمنعم في الطريقة التجانية إذ أخذ الطريقة التجانية عن الشيخ محمد الغالي - شيخ الحاج عمر الفوتي – الذي أخذ الطريقة التجانية مباشرة على يد الشيخ أحمد التجاني ومن أهم تلاميذ الشيخ الشريف عبدالمنعم الشيخ عبدالله آدم والذي أسس مركزا للطريقة التجانية في قرية أم كثيرة - غرب الجفيل – في عام 1924م وظل ينشر رسالة الطريقة التجانية حتى وسط بعض المثقفين من داخل مدينة الأبيض وقد ظل مركز أم كثيرة يؤدي دوره الصوفي حتي هجرة الشيخ عبدالله إلى داخل مدينة الأبيض وتأسيس منزله بالقرب من مسجد عين ماضي في حي القلعة جنوب بمدينة الأبيض ويقوم كثير من الأشراف وعلماء التجانية بزيارته في كردفان (35). 
 دخول الطريقة التجانية إلى كردفان : 
حضر إلى السودان الشيخ سعيد بن محمد الأمين المغربي الفاسي المشهور بمولود فال حاملا الطريقة التجانية إلى السودان وكان أول من تلقاها بالقبول والإيجاب الخليفة محمد ابن إدريس المشهور بمحمد ود دوليب بقرية خرسي بسنده المتصل من الشيخ سعيد ابن محمد الأمين عن شيخه الشيخ محمد الغالي عن الشيخ أحمد التجاني وهذه صيغة إجازة سنده .
بسم الله الرحمن الرحيم – الحمد لله الذي جعل الأولياء باب الفوز والنجاة وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيد الإرسال الهداة وعلى آله وصحبه وجميع من تبعه على الإحسان والتقاة أما بعد:
فليعلم الواقف على هذه الورقة – أني قد أجزت أخي وحبيبى في الله السيد العالم الأجل الأديب الحي التقي الوقور المحسن المتفضل الأنبل اللبيب حاوي الكرم والجود ومعدن الأمانة وتوفية العهود – الشيخ الإمام محمد الخليفة في استعمال الطريقة التجانية المثلى وفي تلقينها لكل من التزمها منه وبعد التزام الشروط .. وقد أخذتها ايضا من الشيخ العالم العلامة محمد التونسي في المسجد الحرام وهو أخذها عن الشيخ العالم العلامة إبراهيم الرياحي وهو أخذها عن الشيخ التجاني رضي الله عنه وعن الجميع .
الفقير إلى الله الغني عن كل ماسواه
سعيد بن محمد الأمين المغربي الفاسي (14)
أما الشيخ محمد بن المختار الشنقيطي المشهور بابن العالية فعند دخوله السودان زار خرسي آنذاك في طريقه إلى الحج والتقى بالخليفة محمد ودوليب ومكث معه ستة أشهر تبادلا فيها الرأي والعلم لرفع شأن الطريقة وعميم فائدتها وانتشارها بين جميع الناس وبعد ذلك ودع الخليفة متجها صوب شمال السودان واتخذ من قرية أم حراحر – مركز شندي مقرا له وعمل على نشر الطريقة والعلم والمعرفة في ذلك الجزء من السودان (15)
مركز خرسي الصوفي في شمال كردفان :
تقع خرسي في الجنوب الشرقي لمدينة بارا علي بعد ثمانية أميال – 15 كلم – وهي مقر آل دوليب ومؤسسها هو محمد ود الأحمر ومن بعده ابنه إدريس ومن بعده ابنه الخليفة محمد ود دوليب (16).
وتعد خرسي أول مركز للطريقة التجانية في السودان وقد تأسس في القرن التاسع عشر الميلادي وقام سلاطين الفور بإهداء منطقة خرسي للدواليب باعتبارها مركزاً تجارياً وتمتعت بالإعفاء من الضرائب وذلك للاستقلال السياسي لأسرة الدواليب عن ( المقدوم مسلم ) نائب سلطان الفور على كردفان ، ويمثل الشيخ محمد ود دوليب أول جيل تمثلت فيه السلطات السياسية والدينية والتجارية والتعليمية مجتمعة في غرب السودان وبعد مجيء الأتراك إلى السودان انخرط أفراد أسرة الدواليب في صفوف الحكم الجديد كما نجحت أسرة الدواليب في تدعيم مركزها وقوتها المادية والدينية في منطقة شمال كردفان مما مكنها من نشر الطريقة التجانية وسط معظم قبائل شمال كردفان الكبابيش والمجانين ودار حامد (17). وقد حصل أيضا الخليفة محمد ود دوليب على إجازة علمية من شيخه محمد البرقاوي الأزهري في العلوم العقلية والنقلية من تفسير وحديث وفقه وأصول وبيان.
وساعد ذلك على انتشار الطريقة التجانية علي يده بكردفان ودارفور والنيل الأزرق وخلف من بعده تلاميذه من العلماء في الشريعة الإسلامية والذين سلكوا طريق الدعوة إلى الله بالقدوة الحسنة والأعمال الصالحة على هدي من الله ، كما شاعت منظومته التى تذكر بأحاديث الفتن وخلفه من بعده ابنه الشيخ الدرديري ( ت : 1257 هـ ) ثم تولى الخلافة حفيده الشيخ جعفر الدرديري ( ت : 1288هـ ) ومن بعده أخوه وصنوه الشيخ الدسوقي الدرديري ( ت : 1401هـ ) وانتقلت الخلافة إلى الشيخ الدرديري الدسوقي ثم إلى ابنه جعفر.
وعند مازار السيد ابن عمر حفيد الشيخ أحمد التجاني السودان عام 1951م زار منطقة خرسي ومكث بها عدة أيام وكتب بخط يده مانصه ( لمعلومية جميع المقدمين والمريدين بالقطر السوداني أن الشيخ جعفر الدرديري محمد الخليفة ولد دوليب في المكانة الخاصة لدينا لما له ولأسلافه من الأخذ بين المسلمين وإرشادهم إلى الطريق إلى الله عز وجل فاعرفوا له مكانته فمن أحبه فقد أحبنا ومن أطاعه فقد أطاعنا فهو منا وإلينا (18). ويمكن النظر لدور مركز خرسي الصوفي في محور يبين على هذا النحو:
أولا : في المجال التعليمي :
الحرفة الرئيسية لسكان خرسي هي الزراعة وتربية الإبل وقد نهض مركز خرسي بالمهام التعليمية لسكان المنطقة وقديما أقام الخليفة محمد وددوليب في العهد التركي معهده الذي كان يهتم بتحفيظ القرآن وتدريس الفقه واللغة والحديث وكانت صلته مباشرة بالأزهر الشريف وكانت الفتوى متبادلة بينه وبين الأزهر في كثير من الأمور الفقهية في أيام الشيخ عليش وقد تخرج فيه عدد من علماء البلاد (19)
وبدأت مظاهر تحديث خرسي في عهد الخليفة الدسوقي ببناء مسجد خرسي ومنزل الخليفة وأدخلت الكهرباء وقد واصل الخليفة الدرديري ما قام به والده فجدد محمد ود دوليب بخرسي وبني المركز الصحي بها ليقدم الخدمات الصحية اللازمة لجميع المواطنين في خرسي وماحولها من القرى وقد دفع الشيخ جعفر تلك الجهود فنظم المحاضرات لرفع الوعي التعليمي ونشط في تدريس الفقه (20) إلى جانب الاهتمام بالمدرسة الأساسية التي توجد في القرية مما يوضح مساهمة هذا المركز الصوفي في العملية التعليمية باتجاه التغيير الاجتماعي في قرى كردفان (21)
ثانيا : في مجال نشر الطريقة التجانية :
قام مركز خرسي الصوفي بدور مهم في نشر الطريقة التجانية في كردفان على هذا النحو:
- انتشرت الطريقة التجانية في مناطق سودري ومن أهم العلماء الذين نشروها الشيخ محمود موسى ومعه عدد من المقدمين من أنحاء المنطقة (22).
- كما وصلت الطريقة التجانية إلى منطقة السميح منذ بداية عام 1950 م على يد الشيخ عبدالرحمن محمد فضل الله وخليفته إدريس أحمد وقد تأثرت هذه المنطقة بالمد الصوفي التجاني وهنالك مناطق مجاورة لمركز السميح تدين بالولاء للطريقة التجانية – الله كريم والعمارة الشيخ حامد هشابة – وتنتشر هذه الطريقة في داخل السميح ولها عدة زوايا بالحي الشرقي – مسجد حي فلاتة وزاوية حاج النور – ولها عدد من المريدين بالحي الأوسط والغربي وقد نهض أفراد الطريقة في التعاون في بناء المسجد الكبير في السميح (23) .
- أما في مناطق دار حامد في قرية طيبة الزعيتير فقد انتشرت الطريقة التجانية بواسطة الشيخ أحمد إبراهيم زعيتير والذي كان طالبا للعلم في خرسي (24).
- كما انتشرت الطريقة التجانية وسط قبائل الجوامعة في منطقة الرهد وذلك عندما دخل الشيخ أحمد البدوي على يد الشيخ الدرديري بن محمد دوليب في الطريقة التجانيةعام 1920م مما أدى لاتساع وانتشار الطريقة التجانية في هذه المنطقة من شمال كردفان(25)
- ساهم مركز خرسي في نشر الطريقة التجانية في منطقة المزروب حاضرة دار المجانين وهنالك علاقات اجتماعية متبادلة بين شيوخ خرسي وآل جمعة سهل ساهمت بدورها في انتماء معظم أفراد هذه القبيلة للطريقة التجانية (26).
- كما ساهم مركز خرسي في نشر الطريقة التجانية في شرق كردفان في منطقة ام روابة بواسطة الشيخ الدرديري محمد حمد السيد وأسلافه وهم من أسرة آل دوليب شيوخ خرسي وقد نتج عن ذلك تأسيس خلوة التجانية في داخل مدينة أم روابة منذ عام 1915م (27).
- ساهم شيوخ الطريقة التجانية في الهداية الربانية في مناطق شمال غرب كالوقي في جنوب كردفان ونتج عن ذلك وجود مؤسسة تعليمية محلية ( تقابة ) الفكي الحسين باريو التجاني كما هاجر عدد من علماء المنطقة إلى خرسى لدراسة العلوم الدينية والانتماء إلى الطريقة التجانية ثم عادوا إلى مناطق شرق كالوقي في قرى قدير والروصيرص وأم الشيخ والجرادة والسانية ونشروا فيها تعاليم التصوف مما ساهم في التواصل الاجتماعي مع سكان المنطقة مع قبائل النوبا ونتج عن ذلك دور الطريقة في السلام الاجتماعي في تلك الفترة من تاريخ جنوب كردفان (28)
- كما امتد مركز خرسي وترك أثره في انتشار الطريقة التجانية في غرب كردفان بواسطة الشيخ الشريف حسين والذي ترك أثره الواضح في مناطق أبوزبد وله زاوية يتولى أحد أحفاده قيادتها وفي مناطق الأضية والتي تأسست زاويتها في عام 1947م بجانب زوايا أخرى تأسست علي يد الشيخ محمود حسن والذي خلفه ابنه محمد زين. وقد ترك الشريف حسين أثره الواضح على قبائل الحمر والشويحات والبديرية والهوسا والفولاني والمسيرية في مناطق لقاوة مما ساعد على التكامل والتواصل الاجتماعي وبصفة خاصة في مدينة ( أبوزبد ) (29) حتى أن سكانها خلدوا السلام الاجتماعي وسهولة العيش في هذه الفترة بقولهم في أمثالهم المحلية " ابوزبد المرين خريف بقاره وصيف أم سعين كان ترضي كان تابي تأكل روابة " ونتج عن ذلك انتشار الحركة التجارية في هذه المنطقة ( 30 )
مركز أم سعدون الشريف الصوفي التجاني :
نشأت قرية أم سعدون الشريف على يد الشيخ الشريف عبدالمنعم بعد أن أخذ أذنا من الناظر محمد تمساح ناظر عموم دار حامد وذلك في عام 1917م(31) ويتكون التركيب السكاني للقرية من قبيلة الهابين ويطلق عليها محليا " دار حامد " وهي قبيلة عربية هاجرت من شمال البلاد واستقرت وسط كردفان في منطقة بارا وباديتها وهم عرب رحل ومستقرون ويرعون الإبل والأغنام ومنها تتفرغ قبائل الجليدان والعريفية وبني جرار والمجانين والغبشان (32).
وتوفي الشريف عبدالمنعم أحمد عام 1935م ودفن بأم سعدون وخلفه ابنه الشريف إبراهيم والذي خلفه ابنه الشريف عبدالحليم وقد أسس الشريف عبدالمنعم خلوة في أم سعدون(33) وواصل أحفاده تأسيس المؤسسات الاجتماعية في المنطقة وهي المدرسة والمركز الصحي ومركز تنمية المرأة الريفية ومركز محو الأمية وبناء المساجد والخلوات في كثير من القرى المجاورة (34).
يضاف إلى ذلك امتياز مركز أم سعدون الشريف بعلو سند مؤسسه الشيخ الشريف عبدالمنعم في الطريقة التجانية إذ أخذ الطريقة التجانية عن الشيخ محمد الغالي - شيخ الحاج عمر الفوتي – الذي أخذ الطريقة التجانية مباشرة على يد الشيخ أحمد التجاني ومن أهم تلاميذ الشيخ الشريف عبدالمنعم الشيخ عبدالله آدم والذي أسس مركزا للطريقة التجانية في قرية أم كثيرة - غرب الجفيل – في عام 1924م وظل ينشر رسالة الطريقة التجانية حتى وسط بعض المثقفين من داخل مدينة الأبيض وقد ظل مركز أم كثيرة يؤدي دوره الصوفي حتي هجرة الشيخ عبدالله إلى داخل مدينة الأبيض وتأسيس منزله بالقرب من مسجد عين ماضي في حي القلعة جنوب بمدينة الأبيض ويقوم كثير من الأشراف وعلماء التجانية بزيارته في كردفان (35).