انتشرت الطريقة التجانية وازدهرت تحت رعاية المجموعات الإفريقية في منطقة البرداب – شمال كادوقلي (36) كما قام الشيخ عمر آدم عمر الفولاني ( 1910 – 1989م)ببناء المساجد والخلوات ودور المؤسسات وإمامة المسجد الكبير في مدينة ( أبوجبيهة ) إلى جانب قيامه بإنفاق الأموال للفقراء والمساكين ونتج عن ذلك انتشار الطريقة التجانية والتواصل الاجتماعي وسط قبائل جنوب كردفان وبصفة خاصة وسط قبائل الفولاني وكنانة وأولاد حميد (37) كما انتشرت الطريقة التجانية في شمال كردفان في منطقة شركيلا بواسطة الشيخ إسماعيل محمد منقة وقد هاجر هذا الشيخ وأخوه أحمد من شمال نيجيريا بهدف الحج وزيارة الرسول صلى الله عليه وسلم فأخذ في تلقي العلم في الحجاز وقد أخذ الطريقة التجانية على يد الشيخ محمد الحافظ المصري أثناء زيارته لمنطقة أم روابة عام 1946م وجددها على يد حفيد الشيخ التجاني السيد ابن عمر في طوافه بكردفان وقد ظل أماما لجامع شركيلا لمدة نصف قرن من الزمان وساهم في الدعوة الإسلامية في جبال النوبا (38) .
كما ساهم الشريف أحمد حماه الله في نشر الطريقة التجانية في كردفان وكان ميلاده في الجنوب الموريتاني عام 1928م في بيت علم ودين وتنقل في صباه بين تمبكتو وفاس مصاحبا لأبيه حماه الله بن عبدالمؤمن والذي كان من كبار العلماء في البلاد وقد تربى الشيخ الشريف أحمد حماه الله وسط إخوته عبدالرحمن وسعيد وسعد وموسى والتجاني وأخواته زينب وأم كلثوم وأمه وكان واسطة هذا العقد أما والدته حفصه بن موسى فكانت تعلم النساء والأطفال ثم هاجرت أسرته إلى مدينة تمبكتو بجمهورية مالي في عام 1944م وقضى فيها بقية شبابه ثم سافر إلى الحجاز لأداء فريضة الحج وأخذ بعد ذلك الطريقة التجانية عن الشيخ الشريف محمد الأخضر وعاد بعد الحج ودخل إلى كردفان ناشرا الطريقة التجانية في كل من بارا وأم بادر وفي دار حمر حيث طاف بها في مناطق أم بل – ريفي ود بندة – وفوجه والنهود ثم استقر في حي البترول بمدينة الأبيض وقد عرف بتقواه وزهده وطيب معشره (39)
وهناك دوافع دينية واقتصادية وسياسية ساعدت على هذه الهجرات من غرب إفريقيا وأثرت على الأوضاع السكانية والاقتصادية والاجتماعية ونتج عنها التوطن والاستقرار في السودان والاختلاط الاجتماعي في الزواج (40) مثلما حدث في دار حمر بين مهاجرين من غرب إفريقيا وأسر حمرية معروفة في النهود وبين مهاجرين وبادية حمر الذين اعتادوا تمضية فصل الصيف – الدمر – حول آبار النهود (41).
كما هاجر الشريف الزبال من غرب إفريقيا واشتهر بالكرامات وهو من أوائل العلماء الذين أدخلوا الطريقة التجانية في النهود سنة 1860م ودفن في مدينة النهود في مقبرة عرفت باسمه تقع جنوب شرق المدينة وله حي باسم الشريف الزبال غالبية سكانه من الفلاتا(42)..
إلى جانب هؤلاء هنالك العمدة عبدالله – عمدة البرداب – وكان من علماء التجانية وكان عالما وفقيها وإماما لمسجدها وألف كتابا في الزراعة استنبطه من القرآن الكريم والاحاديث النبوية وحث الجميع على العمل الزراعي والاستقرار في الأرض كما ظهر العالم يوسف محمد اسحق البرناوي والشيخ شعيب محمد إبراهيم والشيخ موسي عثمان محمد وهما من الهوسا وتجلت أثارهم في الاهتمام بتعاليم الطريقة التجانية والقيام بمهام التعليم والإمامة في المساجد (13) كما يوجد الشيخ يحيى موسى محمد آدم الفولاني وقد أسس عدداً من المدارس والمساجد والخلوات ومركزاً صحياً في جنوب كردفان (44) مما يكشف عن أثر غرب إفريقيا على الخارطة الروحية لكردفان ويبين التواصل الاجتماعي الذي قامت به الطريقة التجانية من غرب إفريقيا إلى كردفان.
يلاحظ الفاتح النور في كتابه ( التجانية والمستقبل ) بأن الطريقة التجانية قبيل الاستقلال – كانت تمثل قمة الوجود الاجتماعي والاقتصادي في حياة مدينة الأبيض حاضرة كردفان(45)
هذه الملاحظة تنطبق بصفة خاصة على شمال كردفان أما جنوب كردفان فقد عانت من آثار السياسة البريطانية تجاه الوضع الديني (46) أما في غرب كردفان فرغم دخول الطريقة التجانية إلى مدينة الفولة قبيل الاستقلال (47) إلا أن المد الصوفي التجاني وخاصة في دار حمر قد ازداد في الفترة المعاصرة (48) .
إذا ماهي العوامل وراء وجود الطريقة التجانية في قيادة السلم الاجتماعي في شمال كردفان في هذه الفترة ؟ هنالك عدة أسباب قادت لنجاح الطريقة التجانية في قيادة الخارطة الروحية والتواصل الاجتماعي في كردفان على هذا النحو :
زيارات أحفاد الشيخ سيدي أحمد التجاني وبصفة خاصة زيارة السيد ابن عمر فقد طاف السيد معظم أرجاء إفريقيا ناشرا الطريقة التجانية ومناصرا القضية الجزائرية (49) وكانت زيارته للسودان في عام 1950م ونتج عن ذلك زيادة عدد زواياها حتي بلغت في الأبيض في شمال كردفان اثنتين وأربعين زاوية ومما يدل علي الأثر الاجتماعي لهذه الزيارة أنه منذ عام 1950م وحتي الوقت الحاضر – ما من بيت تجاني في كردفان أو السودان إلا وبه شخص أو أكثر يحمل اسم – ابن عمر – تبركا وتخليدا واثرا لتلك الزيارة .(50)
كما نجح الشيخ محمد الحافظ المصري في الرد على الانتقادات الموجهة ضد الطريقة التجانية وبين أن تعاليمها مستمدة من تعاليم الإسلام وأنها من التصوف السني وقد حصر الخلاف التجاني – الوهابي الذي كان من الموضوعات الساخنة في الفترة ( 1930- 1940 م) حصره في زيارة المقابر والصلاة على الرسول صلي الله عليه وسلم (51) وقد قام بدور مهم في بعث الطريقة التجانية في السودان بصفة عامة وكردفان خاصة من خلال اليات التواصل الاجتماعي الآتية :
- زياراته المتعددة للسودان والتي بلغت خمس زيارات (52)
- تأليفه أكثر من أربعين كتابا ورسالة بجانب إصداره مجلة طريق الحق عام 1951م وكان هو رئيس تحريرها وصارت هذه الدورية هي لسان الطريقة بجانب نشرها لمقالات إسلامية عامة (53)
وإلى جانب ذلك بعد دخول النظم الرأسمالية دخلت الصوفية قيم جديدة فبدلا من الزهد والتقشف أصبح الحديث عن وجوب العمل والتمتع بطيبات الرزق كحسن المأكل وحسن المشرب وظهر هذا بوضوح في أدبيات الختمية والتجانية(54) لكن الدعوة للموازنة بين الدنيا والآخرة ليست اتجاها راسماليا في التفكير الصوفي وكذلك الدعوة للعمل وإنما هي اتجاه أصيل في الفكر الصوفي المنضبط بالكتاب والسنة (55) إلى جانب أن الطريقة التجانية تدعو إلى الانفراد بشيخ واحد أو أن أخذ العهد يكون لمرة واحدة (56) وما يأتي من محاولات بعد ذلك يعرف باسم ( التجديد ) كما أن النهج المتطور والنزعة التحررية للطريقة التجانية أكسبها وجودا مقدرا في المدن السودانية(57) كما أن الشيخ محمد الأمين القرشي كان بفضل الطريقة التجانية لمن أسلم من النوبا (58) خاصة وأن الشيخ خليل محمد أحد شيوخ الطريقة كان قد عاونه في مشروعه الدعوي في جنوب كردفان(59)
كما ساهم الشريف أحمد حماه الله في نشر الطريقة التجانية في كردفان وكان ميلاده في الجنوب الموريتاني عام 1928م في بيت علم ودين وتنقل في صباه بين تمبكتو وفاس مصاحبا لأبيه حماه الله بن عبدالمؤمن والذي كان من كبار العلماء في البلاد وقد تربى الشيخ الشريف أحمد حماه الله وسط إخوته عبدالرحمن وسعيد وسعد وموسى والتجاني وأخواته زينب وأم كلثوم وأمه وكان واسطة هذا العقد أما والدته حفصه بن موسى فكانت تعلم النساء والأطفال ثم هاجرت أسرته إلى مدينة تمبكتو بجمهورية مالي في عام 1944م وقضى فيها بقية شبابه ثم سافر إلى الحجاز لأداء فريضة الحج وأخذ بعد ذلك الطريقة التجانية عن الشيخ الشريف محمد الأخضر وعاد بعد الحج ودخل إلى كردفان ناشرا الطريقة التجانية في كل من بارا وأم بادر وفي دار حمر حيث طاف بها في مناطق أم بل – ريفي ود بندة – وفوجه والنهود ثم استقر في حي البترول بمدينة الأبيض وقد عرف بتقواه وزهده وطيب معشره (39)
وهناك دوافع دينية واقتصادية وسياسية ساعدت على هذه الهجرات من غرب إفريقيا وأثرت على الأوضاع السكانية والاقتصادية والاجتماعية ونتج عنها التوطن والاستقرار في السودان والاختلاط الاجتماعي في الزواج (40) مثلما حدث في دار حمر بين مهاجرين من غرب إفريقيا وأسر حمرية معروفة في النهود وبين مهاجرين وبادية حمر الذين اعتادوا تمضية فصل الصيف – الدمر – حول آبار النهود (41).
كما هاجر الشريف الزبال من غرب إفريقيا واشتهر بالكرامات وهو من أوائل العلماء الذين أدخلوا الطريقة التجانية في النهود سنة 1860م ودفن في مدينة النهود في مقبرة عرفت باسمه تقع جنوب شرق المدينة وله حي باسم الشريف الزبال غالبية سكانه من الفلاتا(42)..
إلى جانب هؤلاء هنالك العمدة عبدالله – عمدة البرداب – وكان من علماء التجانية وكان عالما وفقيها وإماما لمسجدها وألف كتابا في الزراعة استنبطه من القرآن الكريم والاحاديث النبوية وحث الجميع على العمل الزراعي والاستقرار في الأرض كما ظهر العالم يوسف محمد اسحق البرناوي والشيخ شعيب محمد إبراهيم والشيخ موسي عثمان محمد وهما من الهوسا وتجلت أثارهم في الاهتمام بتعاليم الطريقة التجانية والقيام بمهام التعليم والإمامة في المساجد (13) كما يوجد الشيخ يحيى موسى محمد آدم الفولاني وقد أسس عدداً من المدارس والمساجد والخلوات ومركزاً صحياً في جنوب كردفان (44) مما يكشف عن أثر غرب إفريقيا على الخارطة الروحية لكردفان ويبين التواصل الاجتماعي الذي قامت به الطريقة التجانية من غرب إفريقيا إلى كردفان.
يلاحظ الفاتح النور في كتابه ( التجانية والمستقبل ) بأن الطريقة التجانية قبيل الاستقلال – كانت تمثل قمة الوجود الاجتماعي والاقتصادي في حياة مدينة الأبيض حاضرة كردفان(45)
هذه الملاحظة تنطبق بصفة خاصة على شمال كردفان أما جنوب كردفان فقد عانت من آثار السياسة البريطانية تجاه الوضع الديني (46) أما في غرب كردفان فرغم دخول الطريقة التجانية إلى مدينة الفولة قبيل الاستقلال (47) إلا أن المد الصوفي التجاني وخاصة في دار حمر قد ازداد في الفترة المعاصرة (48) .
إذا ماهي العوامل وراء وجود الطريقة التجانية في قيادة السلم الاجتماعي في شمال كردفان في هذه الفترة ؟ هنالك عدة أسباب قادت لنجاح الطريقة التجانية في قيادة الخارطة الروحية والتواصل الاجتماعي في كردفان على هذا النحو :
زيارات أحفاد الشيخ سيدي أحمد التجاني وبصفة خاصة زيارة السيد ابن عمر فقد طاف السيد معظم أرجاء إفريقيا ناشرا الطريقة التجانية ومناصرا القضية الجزائرية (49) وكانت زيارته للسودان في عام 1950م ونتج عن ذلك زيادة عدد زواياها حتي بلغت في الأبيض في شمال كردفان اثنتين وأربعين زاوية ومما يدل علي الأثر الاجتماعي لهذه الزيارة أنه منذ عام 1950م وحتي الوقت الحاضر – ما من بيت تجاني في كردفان أو السودان إلا وبه شخص أو أكثر يحمل اسم – ابن عمر – تبركا وتخليدا واثرا لتلك الزيارة .(50)
كما نجح الشيخ محمد الحافظ المصري في الرد على الانتقادات الموجهة ضد الطريقة التجانية وبين أن تعاليمها مستمدة من تعاليم الإسلام وأنها من التصوف السني وقد حصر الخلاف التجاني – الوهابي الذي كان من الموضوعات الساخنة في الفترة ( 1930- 1940 م) حصره في زيارة المقابر والصلاة على الرسول صلي الله عليه وسلم (51) وقد قام بدور مهم في بعث الطريقة التجانية في السودان بصفة عامة وكردفان خاصة من خلال اليات التواصل الاجتماعي الآتية :
- زياراته المتعددة للسودان والتي بلغت خمس زيارات (52)
- تأليفه أكثر من أربعين كتابا ورسالة بجانب إصداره مجلة طريق الحق عام 1951م وكان هو رئيس تحريرها وصارت هذه الدورية هي لسان الطريقة بجانب نشرها لمقالات إسلامية عامة (53)
وإلى جانب ذلك بعد دخول النظم الرأسمالية دخلت الصوفية قيم جديدة فبدلا من الزهد والتقشف أصبح الحديث عن وجوب العمل والتمتع بطيبات الرزق كحسن المأكل وحسن المشرب وظهر هذا بوضوح في أدبيات الختمية والتجانية(54) لكن الدعوة للموازنة بين الدنيا والآخرة ليست اتجاها راسماليا في التفكير الصوفي وكذلك الدعوة للعمل وإنما هي اتجاه أصيل في الفكر الصوفي المنضبط بالكتاب والسنة (55) إلى جانب أن الطريقة التجانية تدعو إلى الانفراد بشيخ واحد أو أن أخذ العهد يكون لمرة واحدة (56) وما يأتي من محاولات بعد ذلك يعرف باسم ( التجديد ) كما أن النهج المتطور والنزعة التحررية للطريقة التجانية أكسبها وجودا مقدرا في المدن السودانية(57) كما أن الشيخ محمد الأمين القرشي كان بفضل الطريقة التجانية لمن أسلم من النوبا (58) خاصة وأن الشيخ خليل محمد أحد شيوخ الطريقة كان قد عاونه في مشروعه الدعوي في جنوب كردفان(59)