التخطي إلى المحتوى الرئيسي

شدة محبة الصحابة لرسول الله - بأبي أنت وأمي يا رسول الله



شدة محبة الصحابة لرسول الله - بأبي أنت وأمي يا رسول الله 

يقول الله سبحانه وتعالى في القرءان الكريم {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم} ويقول تعالى {وإنك لعلى خلق عظيم} وقال جل جلاله {النبىُّ أولَى بالمؤمنين من أنفسهم} نَعَم واللهِ أنت يا رسولَ الله، أولى من أنفسنا، أولى من أرواحنا، أولى من عيوننا، من ءابائنا من أمهاتنا. أنت يا رسولَ الله أولى من قلوبنا وأعناقنا ورقابنا، بل أبناؤنا وءاباؤنا، أرواحنا، أعناقنا ورقابُنا، فداءٌ لقدميك يا محمد، فداء لقدميك يا رسول الله، فداء لقدميك يا حبيب الله. 

أنت من جئتنا بالإسلام، وأنت من علمتَنا الإيمان، وأنت من دَلَلتَنا إلى طريق الجنة. نعم النبى أولى بالمؤمنين من أنفسهم، واسمعوا أيها الأحبة، لِمَا قاله عليه الصلاة والسلام، في الحديث الذى رواه البخارى ومسلم، وفي هذا الحديث يتكلم صلى الله عليه وسلم عن صفة المؤمن الكامل، والذى فيه يقول لا يؤمِنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليه من والدِهِ وولدِهِ والناسِ أجمعين أهـ نعم أنتَ أحبُّ إلى قلوبنا يا رسول الله من ءابائنا وأمهاتنا، أحبُّ إلى قلوبنا من عيوننا وأرواحنا وأبنائنا وأموالنا، نعم أيها الأحبة. واسمعوا لهذه البشرى العظيمة، الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يخطب على المنبر، يَدخُلُ صحابىُّ ويسأَلُه يا رسولَ الله متى الساعة؟ قال صلى الله عليه وسلم وما أعددَتَ لها؟ قال هذا الصحابي ما أعددتُ لها كثيرَ عملٍ إلا أَنِّي أُحِبُّ اللهَ والرسول، فقال صلى الله عليه وسلم المرءُ مع مَن أحبَّ يومَ القيامة اهـ أيُّ بشرى هذه، المرءُ مع من أحبَّ يومَ القيامة، ونحن نُحبُّك يا محمد، نحبك يا رسول الله، نحبك يا عظيم الجاه، نحبك يا خير خلق الله.

واسمعوا إلى محبةِ الصحابة لنبينا الله صلى الله عليه وسلم، ففي يومِ غزوةِ بدرٍ الكبرى، يومَ أَخبرَ صلى الله عليه وسلم الصحابةَ عن خروج قريشٍ لقتالهم، وقفَ سعدُ بنُ معاذٍ رضي الله عنه، يخاطبُ حبيبَه المصطفى صلى الله عليه وسلم، يخاطب قائِدَه الحبيب، يخاطبُ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم فيقول، واسمعوا أيها الأحبة، إلى هذه الكلمات العظيمة، يا رسولَ الله قد ءامنا بك، وصدقناك، وشهدنا، أنَّ ما جئتَ به هو الحقُّ، وأعطيناك مواثيقنا على السمع والطاعة، فامضِ بنا لِمَا أردتَ -فامض بنا لِما أردتَ، نعم لو أمَرَنا بخوضِ بحر الشوكِ خضناه، هو حبيبُ الله بالوحي يتكلم- اسمعوا ماذا يقول له، فامض بنا لما أردت فنحن معك، فوالله لو استعرضتَ بنا هذا البحرَ -أي أمرتنا أن نخوضَ البحر- لخضناهُ، لو استعرضتَ بنا هذا البحر فخضتَهُ لخضناه معك، وما تخلف منا رجلٌ واحد. أيها الأحبة، هذا من عظيم محبة النبي صلى الله عليه وسلم في قلوب الصحابة، وهذا الحبُّ العظيم يُحرَِكُ هذه الكلمات في قلب سعدٍ رضي الله عنه، وقال ما نكره أن تلقى بنا عدوًا، إنا لَصُبُرٌ في الحرب، صُدْقٌ في اللقاء، فسِرْ بنا على بركة الله، لعلَّ الله يُرِيكَ منا ما تَقَرُّ به عينُك. فَسُرَّ النبيُّ بذلك، وظهرَ السرورُ في وجهه، وفَرِحَ بهذه الكلمات.


واسمعوا يا أحبابنا، اسمعوا يا أخواتنا، لما رواه الحافظ ابن الجوزي عن أنس رضي الله عنه واسمعوا لعظيم حبِّ الصحابيات لسيد الخلق محمد، يقول لَمَّا كان يومُ أُحد حاصَ الناسُ حَيْصَةً، وقالوا قُتِلَ محمد، حتى كَثُرَت الصَّوارخ -أي النساء الصارخات- في نواحي المدينة، قال فخرجت امرأةٌ من الأنصار، فاستُقبِلت بأخيها، وبأبيها، وبزوجها وبابنها، ما معنى فاستقبلت بهم؟ أي جيء بهم إليها وقد قُتلوا، جيء إليها بهم وقد قتلوا في المعركة، تُستقبل بابنها وبزوجها، بأبيها وبأخيها، اسمعوا ماذا فعلت، اسمعوا ماذا قالت، قالت لهم من هذا؟ قالوا هذا زوجُك وهذا ابنُك هذا أخوك وهذا أبوك، قالت ونبيُّ الله ما فعل؟ تريد أن تطمئن على الرسول، لم يَشغَلْها ما رأت، هؤلاء قَتْلَى بين يديها، وقلبُها متعلِّقٌ برسول الله، تريد أن تطمئن، الرسولُ كيف هو، قالوا هو بحمد الله بخير، قالت حتى أراه، قيل لها ها هو هناك، ذهبت إليه، وأمسكت بطَرَفِ ثوبه، وقالت يا رسولَ الله، كلُّ مصيبةٍ بعدَك هينةٌ، كُلُّ جَللٍ بعدَك هينٌ يا رسول الله، لو قُتل أهلي لو قتل زوجي لو قتل ولدي لو قتل أبي وأخي، المهم أن تَسْلَمَ أنت يا رسول الله. هذا حُبُّهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

واسمعوا لما فعله خُبَيبُ بنُ عَدِي رضى الله عنه وأرضاه، أُسِرَ في مكة، وأُخرج إلى خارج حدودِ الحرم، لتُضرَب عنُقُه، ليُقْتَل، اسمعوا ماذا قال لهم، أمهلوني حتى أصلي ركعتين، صلى ركعتين خفيفتين، وقال للكفار لولا أن تظنوا أن بِيَ جَزَعٌ من الموت لأطَلْتُ في صلاتي، لكن كي لا تظنوا أني خائفٌ من الموت، قدَّموه للقتل، قدَّمُوه لضرْبِ العنق، قدموه ليُقطعَ الرأسُ عن الجسد، نكَّلوا به، عذبوه، ورفعوه على خشبة، لتُقطع عنقه، اسمعوا يقولون له أَتُحِبُّ أنَّك في أهلِكَ ومحمدٌ مكانَك؟ يقول واللهِ ما أُحبُّ أن أكونَ في أهلي، ومحمدٌ يُشاكَ بشوكةٍ في قدمه، يعنى لو قُتلتُ وقُتل أهلي، لا أتمنى أن يكون محمد مكاني، بل ولا أن يصاب بشوكة في قدمه.

وهذا أبو طلحة رضي الله عنه في يوم أُحد، يقول له الرسول ارمِ أبا طلحة، يُعطَى النبال، ويَبدأ بالرمي إلى المشركين، أراد النبيُّ أن يُشرفَ ماذا يحصل في المعركة، اسمعوا ماذا يقول أبو طلحة، لا تُشرفْ يا رسول الله، لا تُشرفْ على القوم يا رسول الله، نَحرِي، نحري دون نحرِكَ يا رسول الله، نحري دون نحرك يا رسول الله، أن يدخُلَ السهم في نحري فأُقتل هذا أطيب إلى قلبي، أحب من أن تصاب أنت يا رسول الله، هذا حُبُّهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

واسمعوا أيها الأحبة لما فعلته الصحابيةُ الجليلة، نَسِيبَةُ بنتُ كعبٍ، في يوم أحد، هذه المرأة الجريئة الشجاعة البطلة المجاهدة في معركة أحد، ماذا فعلت، كانت قد بايعت الرسول، كانت قد بايعت وتخرج معه في الغزوات، في يوم أُحد لما رأت أن القوم تكاثروا على رسول الله، أي أحاط به الكفار، حاصروه، ماذا فعلت نَسيبةُ بنتُ كعب؟! استلَّت سيفَها، ودخلت بين صفوفِ المقاتلين، تضرِبُ يمينًا وشمالاً، حتى وقفت بين يدي رسول الله، وجعلت تقاتِلُ دونَه، وتدفَعُ عنه، وهى تردُّ الضربات، بجسدها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى قال الرسول حتى قال الرسول ومَن يُطيقُ ما تُطِيقين يا أمَّ عُمارة اهـ!؟ هذه الصاحبية نَسيبةُ بنتُ كعبٍ أمُّ عُمارة، صارت تدفع بنفسها بجسدها، تقاتل وتضرب يميناً وشمالاً، إلى أن رأت ولَدَها قد أُصيب في المعركة، ابنٌ لها ضُرب، جُرح، وقع، لم تترك الدفاعَ عن الرسول، بقيت تقاتل دونَ الرسول، وهي تحرِّض ولَدَها وتقول، يا بنيَّ قم فاضربِ القوم، يا بنيَّ قم فاضرب القوم، وهي تدافع عن الرسول، لم تذهب لأجل ابنها، لم تترك الدفاع عن النبي لأجل ولدها، حتى قال الرسول ما التفتُّ يمينًا ولا شمالاً يومَ أُحدٍ إلا ورأيتُ نَسبيةَ تقاتل دونى اهـ خرجت من المعركة، وقد أصيبت وجُرحت، وكانت ضربةٌ قوية في عنقها، فجعلت تعالِجُها سنة وهي تنزِف، وقبل أن يَجِفَّ الجرح الأول، سمعت المنادي ينادي، فعَصبت جُرحَها، ربطته، وأخذت سيفها، وخرجت تقاتل في سبيل الله حتى قُتلت.

هذا حبهم لرسول الله، هذا حبهم لمحمد، هذا دفاعهم عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم. أيها الأحبة الرسول عليه الصلاة والسلام، هو الذي أرشدنا لحبه وعلمنا ذلك. أبو بكر الصديق في الهجرة، يمشي مرةً أمام النبي، ومرةً خلفه، مرةً عن اليمين ومرةً عن الشمال، خوفًا عليه من شيءٍ يؤذيه، ودخلَ الغارَ قبْلَه. وهذا عليٌّ رضي الله عنه، ينامُ في فراشه، ويتسجى ببرده، وهكذا.


اسمعوا ماذا قال بلال الحبشي، مؤذنُ رسول الله وهو يُحتَضَر، وهو يموت، تقول زوجتُه واحَزَناه، قال بل قولي واطرباهُ، غدًا نلقى الأحبة، محمدًا وصحبَه. واطرباه، في فرحٍ وسرور، لأنه سيلقى النبيَّ يومَ القيامة، قال بل واطرباه غدًا نلقى الأحبة، محمدًا وصحبه، نعم أيها الأحبة هذا حالهُم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.


وحالنا وحبنا لرسول الله حملنا على الاحتفال بمولده الشريف، في هذا القطر البعيد، في شهر ربيع الأول، لأنه بدعة حسنة، ومن القرب إلى الله تعالى، فأهلاً بربيع الخير،


أيها الحضور الكرام، إن الله سبحانه يأمُرُنا بالثبات على دينه، ويأمرنا بالثبات على حب محمد إلى الممات، فاثبتوا على حب محمد، وتخلقوا بأخلاق محمد، واحتفلوا بذكرى ولادة محمد. واثبتوا على دين محمد، وعلى نهج محمد، وعلى عقيدة محمد، وعلى التوحيد الذي علمه محمد، على أن الله واحد لا شريك له، موجود بلا مكان، منزه عن كل صفات المخلوقين، ليس جسماً ليس حجمًا، ليس جسدًا، ليس صورةً، ليس كميةً، ليس شكلاً لأنه قال في القرءان {ليس كمثله شىء}. علمنا رسول الله أن خالق العالم لا يشبهه، لا يحتاج إليه، موجود بلا كيف ولا مكان، مهما تصورت ببالك فالله لا يشبه ذلك، وعلمنا الإيمان بالأنبياء وبعصمة الأنبياء، علمنا أن الأنبياء لا يقعون في الكفر ولا في الكبائر ولا في الصغائر التي في ها خسة ودناءة، علمنا أن الأنبياء لهم العفة والصيانة والتبليغ والأمانة، علمنا أن دين الأنبياء كل الأنبياء هو دين واحد، دين الإسلام، دين الملائكة، الدين الذي ارتضاه لنا، {إن الدين عند الله الإسلام}، وحذرنا رسول الله من الكفر بأنواعه الثلاث، الكفر بالقلب بالاعتقاد، والكفر بالفعل، والكفر بالقول، وعلمنا أن الرجوع إلى الإسلام يكون بترك الكفر والتبرؤ منه والنطق بالشهادتين وليس بقول أستغفر الله.


أيها الأحبة، زيدوا تعلُّقًا بحب سيد الخلق محمد، زيدوا حبًّا برسول الله محمد، فهو الذي قال المرءُ مع من أحبَّ يومَ القيامة اهـ فوالله وبالله وتالله إنا نحبُّك يا رسول الله، ونحب ما تحب، ونحب من تحب، نعم نحبك يا محمد، نحبك يا رسول الله، نحبك يا خير خلق الله.

اللهم ارزقنا رؤية حبيبك محمد، اللهم ارزقنا زيارة نبيك محمد، اللهم عطِّف قلبه علينا، وداوِنا بنظرةٍ منه يا ربَّ العالمين، اللهم ألهمه أن ينظر إلينا، اللهم ألهمه أن يتعطف علينا، اللهم داونا بنظرة من حبيبك محمد، اللهم ارزقنا زيارته، وشفاعته، واجعل تربَتَنا البقيع. اللهم تقبل منا، عمل المولد، واجعله حسناتٍ في ميزاننا، ءامين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.