التخطي إلى المحتوى الرئيسي

ليس التصوف لبس الصوف ترقعه


فائدة: ليعلم أن التصوف ليس أكل اموال المريدين باسم الطريقة والصوفية والذكر، ولكن ليعمل شيخ الطريقة كما يعمل غيره بالحلال لينفق على أهله زوجته وأولاده، أو ليكتف بالقليل من الطعام والملبس وليزهد في الدنيا حقيقة لا مجرد صورة الثياب المرقعة يخيطها يلبسها في المناسبات وفي عادته يلبس الثياب الفخمة الجميلة، ولكن يترك التنعم ليكون قدوة لغيره من مريديه ومتبعيه، وإن رآهم هم يتوسعون في الدنيا فلا ينبغي أن يقلدهم وتكون عينه في ما لديهم وحتى لو أعطوه إياه لا يقبل منهم، بل يدلهم على فقير أو يتيم أو أرملة أو مطلقة لها أولاد تربيهم يؤثرهم على نفسه، ويبقى على سيرة الصالحين من ترك التنعم يأكل اللقيمات القليلة يقيم بها صلبه كما أمر الحديث الشريف، إلا إن كان ذا إرث مثلاً يكفيه من غير اعتماد على أموال المريدين وما يأتيه باسم المشيخة فيترك العمل ويلتفت إلى نشر العلم والطريقة على نهج اهل السنة والجماعة من تنزيه الله عن الجهة والمكان وأن الله تعالى خالق كل شيء فهذا أفضل مسائل الدين والاسلام، وذلك ليقتدي به غيره في نشر العلم النافع، فليس شيخ الطريقة خيراً من إمام الصوفية الإمام الجنيد الخزاز القواريري كان أبوه يبيع القوارير من الزجاج وكان هو يبيع الخز وهو الحرير رضي الله عنه، أما أكل أموال المريدين فليس من الطريقة ولا من التصوف، ومن كلام الإمام أحمد الرفاعي رضي الله عنه في أخلاق الصوفية يخاطب إخوانه: "لا أقول لكم انقطعوا عن الأسباب عن التجارة عن الصنعة، ولكن أقول انقطعوا عن الغفلة والحرام في كل ذلك.. لا أقول لكم أهملوا الأهل ولا تلبسوا الثوب الحسن، ولكن أقول إياكم والاشتغال بالأهل عن الله، وإياكم والزهو بالثوب على الفقراء من خلق الله، وأقول لا تظهروا الزينة فوق ما يلزم بثيابكم تنكسر قلوب الفقراء، وأخاف أن يخالطكم العجب والغفلة، وأقول نقوا ثيابكم "قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق" (الآية 32 من سورة الأعراف)، وأقول نقوا قلوبكم وطهروها فذلك أولى من تنقية الثياب، "إن الله لا ينظر إلى ثيابكم ولكن ينظر إلى قلوبكم"، اهـ يريد رضي الله عنه حديث مسلم في صحيحه: عن أَبَي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "إِنَّ اللَّهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَادِكُمْ وَلاَ إِلَى صُوَرِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ" وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى صَدْرِهِ الشريف، فليحرص أحدنا على تنقية قلبه أفضل من تنقية ثيابه وأطهر، ومن كلام الفقيه ابن الحاج المالكي رحمه الله:
ليس التصوف لبس الصوف ترقعه ----- ولا بكاؤك إن غنى المغنونا
ولا صياح ولا رقص ولا طرب ----- ولا اختباط كأن قد صرت مجنونا
بل التصوف أن تصفو بلا كدر ----- وتتبع الحق والقرآن والدينا
وأن تُرى خاشعاً لله مكتئبا ----- على ذنوبك طول الدهر محزونـا
فأين هؤلاء القوم الذين لا يشقى بهم جليسهم؟؟؟؟؟، ألا فدلونا عليهم رحمكم الله، ممن يربي المريد بحاله ومقاله، يلتزم أدب الذكر على طريقة السلف الصالح رضي الله عنه ورضوا عنه، ذلك لمن خشي ربه، الله يرحمنا، دعاكم الإخوة حفظكم الله