شبهات وردت حول الاحتفال بالمولد النبوي الشريف:
الشبهة الأولى: قول القائل : إن الاحتفال بالمولد لم يفعله السلف ولم يكن في الصدر الأول فهو بدعة محرمة يجب الإنكار عليها.
فالجواب على ذلك: أنه ليس كل ما لم يفعله السلف ولم يكن في الصدر الأول فهو بدعة محرمة ولو كان الأمر كذلك لحرم جمع أبي بكر وعمر وزيد رضي الله عنهم القرآن وكتبه في المصاحف خوفا على ضياعه بموت الصحابة القراء رضي الله عنهم ولحرم جمع عمر رضي الله عنه الناس على إمام واحد في صلاة القيام مع قوله: نعمت البدعة هذه([1][39]) ، وحرم التصنيف في جميع العلوم النافعة واتخاذ الربط والمدارس والمستشفيات والإسعاف ودار اليتامى والسجون بل يجب أن يعرض ما أحدث على أدلة الشرع فما اشتمل على مصلحة فهو واجب أو على محرم فهو محرم أو على مكروه فهو مكروه أو على مباح فهو مباح أو على مندوب فهو مندوب وللوسائل حكم المقاصد فكل ما تشمله الأدلة الشرعية ولم يقصد بإحداثه مخالفة الشريعة وليشتمل على منكر فهو من الدين ومن ثم قيد العلماء حديث «كل بدعة ضلالة»([2][40])، بالبدعة السيئة ويدل على ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم : من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء([3][41])
........
الشبهة الثانية: قول القائل : إن الاحتفال بمولده صلى الله عليه وآله وسلم في شهر ربيع الأول وهو نفس الشهر الذي توفي فيه فلماذا يكون الفرح بولادته ولا يكون الحزن بوفاته؟..
والجواب على ذلك: كما قال الإمام السيوطي رحمه الله تعالى : أن ولادته عليه الصلاة والسلام أعظم النعم علينا ووفاته أعظم المصائب لنا والشريعة حثت على إظهار الولادة ولم يأمر عند الموت بذبح ولا بغيره فدلت قواعد الشرعية على أنه يحسن في هذا الشهرإظهار الفرح بولادته صلى الله عليه وآله وسلم دون إظهار الحزن.
.......
الشبهة الثالثة: قول القائل: إن الاحتفال بمولده نوع من الإطراء والتقديس له صلى الله عليه وآله وسلم مما يؤدي إلى رفع مقامه عن كونه بشرا وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم «لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم ، فإنما أنا عبدالله ورسوله»([1][43]).
فالجواب: أن هذا الاستدلال غير صحيح لأن الإطراء المنهي عنه هو المشابه لإطراء النصارى بأن المسيح هو ابن الله حاشاه تعالى من ذلك أما إطراء النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الاحتفال بمولده فلا يعدو عن ذكر فضائله النبوية وأخلاقه المحمدية وقد مدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم اناس من الصحابة وأثنوا عليه في حياته وبعد مماته ولم ينكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أحد منهم ذلك بل وربما أيدهم فهذا كعب بن زهير لما قال أمام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قصيدته المشهورة : (بانت سعاد فقلبي اليوم متبول) واتمها نجد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد خلع عليه عباءته وألبسه إياها جزاء لصنيعه وهذا عبدالله بن رواحة يقول مادحا النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
وفينا رسول الله يتلو كتابه
إذا انشق معروف من الصبح ساطع
أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا
به موقنات أن ما قال واقع
وكذلك استقبال أهل المدينة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منشدين : طلع البدر علينا... فهل كان مدح هؤلاء الصحابة وغيرهم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وثنائهم عليه أمرا مخالفا للشرع؟ وإذا كان كذلك فهل يسكت عنه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فإذا كان صلى الله عليه وآله وسلم يرضى عمن مدحه فكيف لا يرضى عمن جمع شمائله الشريفة؟!