بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد الأمين وعلى آله وصحبه اجمعين ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين
وبعد فقد تكلمنا على مفهوم الكشف او الفراسة في الجزء الاول .فالكشف اذا لا يكون الا لمن صفا قلبه عن كل الكدورات ، والمعاصي صغيرة كانت او كبيرة .فكل معصية لها كدر وتورث نكتة سوداء في القلب و بكثرتها يصبح رينا والقلب كالمرآة تنعكس فيها الانوار والصور من الغيب فاذا أظلمت بالرين فلا كشف ولا فتوح من رب العالمين . قال تعالى { بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون } فاذا عرفت ذلك ، فالصغيرة تورث كدرا بقدرها وتنمحي باستغفار ولكن كثرتها وبدون طلب المغفرة تورث الظلمة فاحذروا ذلك واكثروا من الاستغفار* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { إن لله عباد يعرفون الناس بالتوسم } و.قال المناوي في شرح الجامع الصغير عند قوله عليه الصلاة والسلام { إن لكل قوم فراسة، وإنما يعرفها الأشراف } فقاعدة الفراسة وأصلها الغض عن المحارم .* و الكشف يعرض لأهل المجاهدة العارفين بالله ،فيدركون من الحقائق ما لا يدرك لسواهم وقد كان للصحابة رضوان الله عليهم الحظ الوفير من هذه الكرامات والمشاهدات . لكنهم لم يقع لهم بها عناية ،فلم يدونوا الا القليل النادر منها . وفي فضائل الصديق وعمر وعثمان وعلى رضي الله عنهم كثيرا منها لكننا سنسرد واقعة واحدة لكل منهم رضي الله عنهم * فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : أن أبا بكر لما حضرته الوفاة دعاها فقال : إنه ليس في أهلي بعدي أحد أحب إلي غنى منك ، ولا أعز علي فقرا منك وإني كنت نحلتك من أرض بالعالية جداد عشرين وسقا ، فلو كنت جددته تمرا عاما واحدا انحاز لك ، وانما هو مال الوارث ، وانما هما أخواك وأختاك .فقلت : انما هي أسماء ،فقال : وذات بطن ابنة خارجة وقد أُلقي في روعي أنها جارية فاستوصي بها خيرا ، فُولدت أم كلثوم * وهي واقعة من كثير واين لنا أن نحصي مآثر وكشوفات سيدنا ابي بكر الصديق * قال السبكي رحمه الله تعالى : كان عمر رضي الله عنه قد امر سارية بن زنيم الخلجي على جيش من جيوش المسلمين وجهزه على بلاد فارس ، فاشتد على عسكره الحال على باب نهوند وهو يحاصرها ، وكثرت جموع الاعداء وكاد المسلمون ينهزمون وعمر رضي الله عنه في المدينة ،فصعد المنبر وخطب في الناس ثم استغاث في اثناء الخطبة بأعلى صوته { يا سارية الجبل .من استرعى الذئب الغنم فقد ظلم } فسمع سارية وجيشه أجمعين صوت سيدنا عمر فنجوا وانتصروا * وذكر السبكي رحمه الله تعالى : انه دخل على عثمان رضي الله عنه رجل كان قد لقي امرأة في الطريق فتأملها ، فقال له عثمان رضي الله عنه : يدخل أحدكم وفي عينيه أثر الزنا؟ فقال الرجل : أوحي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : لا ولكنها فراسة المؤمن * وعن الأصبغ رحمه الله تعالى قال : أتينا مع علي كرم الله وجهه فمررنا بموضع قبر الحسين { رضي الله عنه } فقال علي : ههنا مناخ ركابهم ، وههنا موضع رحالهم ، وههنا مرهاق دمائهم . فتية من آل محمد صلى الله عليه وسلم يقتلون بهذه العرصة ، تبكي عليهم السماء والأرض * قال الكرماني : من عمر ظاهره بالتباع السنة وباطنه بدوام المراقبة ، وكف نفسه عن الشهوات ، وغض بصره عن المخالفات ، واعتاد أكل الحلال لم تخطيء فراسته أبدا . واعلم ان فراسة المشايخ واخبارهم عن ما تضمره الضمائر يخرج عن الحصر ولكن لا يظهروه الا لمن عرفوا صلاحهم لان الجاحد لا تفيده هذه الشواهد ما دام لا يؤمن إلا بالمادة ولا يصدق بما وراء ذلك من فتوحات * قال السبكي رحمه الله : اعلم ان المرء اذا صفا قلبه صار ينظر بنور الله فلا يقع بصره على كدر او صاف إلا عرفه .ثم تختلف المقامات ، فمنهم من يعرف أن هناك كدرا ولا يدري ما أصله ومنهم من يكون أعلى من هذا المقام فيدري أصله . كما اتفق لسيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه فان تأمل الرجل للمرأة أورثه كدرا فأبصره سيدنا عثمان وفهم سببه * قال أحد العارفين : والاطلاع على المعذبين والمنعمين في قبورهم واقع لكثير من الرجال ، وهو هول عظيم يموت صاحبه في اليوم والليلة موتات ، ويستغيث ويسأل الله أن يحجبه عنه ، وهذا المقام لا يحصل للعبد الا بعد غلبة روحانيته على جسمانيته حتى يكون كالروحانيين .* وقف نصراني على الجنيد رحمه الله تعالى وهو يتكلم في الجامع على الناس ، فقال ايها الشيخ ما معنى حديث { اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله ؟ } فأطرق الجنيد ثم رفع راسه وقال : اسلم فقد جاء وقت إسلامك ، فاسلم الغلام * .
وبعد فقد تكلمنا على مفهوم الكشف او الفراسة في الجزء الاول .فالكشف اذا لا يكون الا لمن صفا قلبه عن كل الكدورات ، والمعاصي صغيرة كانت او كبيرة .فكل معصية لها كدر وتورث نكتة سوداء في القلب و بكثرتها يصبح رينا والقلب كالمرآة تنعكس فيها الانوار والصور من الغيب فاذا أظلمت بالرين فلا كشف ولا فتوح من رب العالمين . قال تعالى { بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون } فاذا عرفت ذلك ، فالصغيرة تورث كدرا بقدرها وتنمحي باستغفار ولكن كثرتها وبدون طلب المغفرة تورث الظلمة فاحذروا ذلك واكثروا من الاستغفار* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { إن لله عباد يعرفون الناس بالتوسم } و.قال المناوي في شرح الجامع الصغير عند قوله عليه الصلاة والسلام { إن لكل قوم فراسة، وإنما يعرفها الأشراف } فقاعدة الفراسة وأصلها الغض عن المحارم .* و الكشف يعرض لأهل المجاهدة العارفين بالله ،فيدركون من الحقائق ما لا يدرك لسواهم وقد كان للصحابة رضوان الله عليهم الحظ الوفير من هذه الكرامات والمشاهدات . لكنهم لم يقع لهم بها عناية ،فلم يدونوا الا القليل النادر منها . وفي فضائل الصديق وعمر وعثمان وعلى رضي الله عنهم كثيرا منها لكننا سنسرد واقعة واحدة لكل منهم رضي الله عنهم * فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : أن أبا بكر لما حضرته الوفاة دعاها فقال : إنه ليس في أهلي بعدي أحد أحب إلي غنى منك ، ولا أعز علي فقرا منك وإني كنت نحلتك من أرض بالعالية جداد عشرين وسقا ، فلو كنت جددته تمرا عاما واحدا انحاز لك ، وانما هو مال الوارث ، وانما هما أخواك وأختاك .فقلت : انما هي أسماء ،فقال : وذات بطن ابنة خارجة وقد أُلقي في روعي أنها جارية فاستوصي بها خيرا ، فُولدت أم كلثوم * وهي واقعة من كثير واين لنا أن نحصي مآثر وكشوفات سيدنا ابي بكر الصديق * قال السبكي رحمه الله تعالى : كان عمر رضي الله عنه قد امر سارية بن زنيم الخلجي على جيش من جيوش المسلمين وجهزه على بلاد فارس ، فاشتد على عسكره الحال على باب نهوند وهو يحاصرها ، وكثرت جموع الاعداء وكاد المسلمون ينهزمون وعمر رضي الله عنه في المدينة ،فصعد المنبر وخطب في الناس ثم استغاث في اثناء الخطبة بأعلى صوته { يا سارية الجبل .من استرعى الذئب الغنم فقد ظلم } فسمع سارية وجيشه أجمعين صوت سيدنا عمر فنجوا وانتصروا * وذكر السبكي رحمه الله تعالى : انه دخل على عثمان رضي الله عنه رجل كان قد لقي امرأة في الطريق فتأملها ، فقال له عثمان رضي الله عنه : يدخل أحدكم وفي عينيه أثر الزنا؟ فقال الرجل : أوحي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : لا ولكنها فراسة المؤمن * وعن الأصبغ رحمه الله تعالى قال : أتينا مع علي كرم الله وجهه فمررنا بموضع قبر الحسين { رضي الله عنه } فقال علي : ههنا مناخ ركابهم ، وههنا موضع رحالهم ، وههنا مرهاق دمائهم . فتية من آل محمد صلى الله عليه وسلم يقتلون بهذه العرصة ، تبكي عليهم السماء والأرض * قال الكرماني : من عمر ظاهره بالتباع السنة وباطنه بدوام المراقبة ، وكف نفسه عن الشهوات ، وغض بصره عن المخالفات ، واعتاد أكل الحلال لم تخطيء فراسته أبدا . واعلم ان فراسة المشايخ واخبارهم عن ما تضمره الضمائر يخرج عن الحصر ولكن لا يظهروه الا لمن عرفوا صلاحهم لان الجاحد لا تفيده هذه الشواهد ما دام لا يؤمن إلا بالمادة ولا يصدق بما وراء ذلك من فتوحات * قال السبكي رحمه الله : اعلم ان المرء اذا صفا قلبه صار ينظر بنور الله فلا يقع بصره على كدر او صاف إلا عرفه .ثم تختلف المقامات ، فمنهم من يعرف أن هناك كدرا ولا يدري ما أصله ومنهم من يكون أعلى من هذا المقام فيدري أصله . كما اتفق لسيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه فان تأمل الرجل للمرأة أورثه كدرا فأبصره سيدنا عثمان وفهم سببه * قال أحد العارفين : والاطلاع على المعذبين والمنعمين في قبورهم واقع لكثير من الرجال ، وهو هول عظيم يموت صاحبه في اليوم والليلة موتات ، ويستغيث ويسأل الله أن يحجبه عنه ، وهذا المقام لا يحصل للعبد الا بعد غلبة روحانيته على جسمانيته حتى يكون كالروحانيين .* وقف نصراني على الجنيد رحمه الله تعالى وهو يتكلم في الجامع على الناس ، فقال ايها الشيخ ما معنى حديث { اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله ؟ } فأطرق الجنيد ثم رفع راسه وقال : اسلم فقد جاء وقت إسلامك ، فاسلم الغلام * .